فيروس كورونا: دراسات جديدة عن تناقص مكونات المناعة بعد التعافي ..فهل يمكن أن تتكرر العدوى؟
منذ الشهر الأول للإعلان عن الوباء بدأت الأخبار تنتشرعن مرضى تمت اصابتهم بعدوى فيروس كورونا مرة ثانية بعد شفائهم.
اجتهد العلماء في تفسير اسباب ما تم رصده .
وقد وجد العلماء في دراستين تم نشرهما في يونيو الماضي أن أحد مكونات المناعة والتي تسمي ب”الأجسام المضادة’” تتناقص تدريجياً بعد انتهاء العدوى.
الدراسة الأولى
وجد الباحثون في هذه الدراسة أن الأجسام المضادة اختفت في 10% من مرضى كوفيد -19 بعد أسابيع من بداية الأعراض، وكان عددهم في الدراسة حوالي 1500 مريض.
كما لم يتم العثور على أجسام مضادة في الدم في 96% من حوالي 3800 فرد من العاملين بمستشفيات ووهان الصينية، والذين يُعتقد أنهم قد تعرضوا لعدوى فيروس كورونا في بداية الوباء.
فافترض الباحثون بناءً على هذه النتائج ضعف إحتمالات تكون أجسام مضادة واقية طويلة الأمد.
الدراسة الثانية
وجد الباحثون في هذه الدراسة ضعف استجابة الجهاز المناعي في مرضى كوفيد-19. الذين لم يعانوا من أعراض، من حيث تكوين الأجسام المضادة الواقية. فبقياس مستويات الأجسام المضادة الواقية بعد شهرين الى ثلاثة أشهر من عدوى فيروس كورونا كانت النتائج كما يلي:
-لم يتم العثور على مستويات واضحة من الأجسام المضادة في 40% من المرضى الذين مروا بعدوى بسيطة بدون أعراض.
-لم يتم العثور على مستويات واضحة من الأجسام المضادة في 13% من المرضى الذين مروا بعدوى ذات أعراض واضحة.
هل عدم وجود مستويات واضحة من الأجسام المضادة الواقية يدل علمياً على عدم وجود مناعة تحمي من تكرار الإصابة؟
هذا ما لم تثبته الأبحاث و ما زال في حاجة لدراسات أخرى لإثباته بالنسبة لعدوى كوفيد-19. فمن المعروف علمياً أن المناعة يمكن أن تتكون وتستمر مع نسب قليلة للغاية من الأجسام المضادة الواقية، وأن الأجسام المضادة وإن كانت مكون هام من مكونات المناعة لكنها ليست المكوّن الوحيد.
لذا ومع كون هذه الدراسات لافتة، لكن علمياً ليست لها نتائج حاسمة. وتبقى أهميتها في الكشف عن الحاجة الماسة لتطوير لقاح كورونا قوي يتمكن من تنبيه الجهاز المناعي بشكل يرفع المناعة الواقية بوضوح ولمدة كافية.
وهذا ما قد أكدته د. سارة جلبرت، رئيسة الفريق البحثي للقاح أكسفورد في تصريح لها منذ أيام. حيث وضّحت أن التقنية المستخدمة لتطوير لقاح أكسفورد أثبتت قدرتها على تحفيز جهاز المناعة بشكل قوي. كما قد ثبت في دراسات لقاحات أخرى تستخدم نفس التقنية. هذا بالإضافة لتصريحها بخصوص النتائج المبشرة لدراسات لقاح أكسفورد على المتطوعين.
وهل ثبت تكون مناعة بعد عدوى فيروس كورونا؟
وهنا يأتي ذكر دراستين آخرتين ثبت فيهما تكون مناعة تحمي من تكرار الإصابة بعدوى كوفيد-19.
الدراسة الثالثة:
بحث أجراه مركز مكافحة العدوى في كوريا KCDC. تمت فيه إعادة إجراء تحليل المسحة PCR لأعداد كبيرة من مرضى كوفيد-19 بعد خروجهم من المستشفيات، والتأكد من النتائج السلبية لإختباراتهم.
و تم حصر 285 شخص كانت نتائج إعادة الإختبار لهم إيجابية.
فقام فريق البحث :
-بإجراء اختبارات للمخالطين لهذه الحالات التي اصبحت إيجابية مرة أخرى، وما تأكد منه فريق البحث أنه لم تحدث و لا حالة واحدة من العدوى عن طريق هؤلاء الأشخاص.
-و تم أخذ عينات من هؤلاء الأشخاص (ذوى المسحات الإيجابية بعد التعافي) لزرع الفيروس منها، و لكن لم تنجح محاولات الزرع الفيروس من هذه الحالات ، أي انه لا وجود لفيروس كامل قادر على التكاثر في هذه العينات.
و تفسير ذلك يلزمه توضيح ان تحليل المسحة PCR هو اختبار يتمكن من الكشف عن أجزاء من الحمض النووي للفيروسي، لكن ليس بالضروة أن تكون هذه الأجزاء فيروس كامل قادر على التكاثر والتسبب بالعدوى.
و يمكننا أن نفهم ذلك بوضوح في ضوء ما أثبته بحث آخر حين وجد ان أجزاء الحمض النووي يمكن أن يستمر ايجادها بتحليل الPCR لمده تصل الى ٨٠ يوم من بداية العدوى، و لكن زرع الفيروس (و التأكد من قدرته على التكاثر )لم يكن ناجحا الا في أول عشرة ايام بعد بداية العدوى البسيطة و المتوسطة.
-لكن يتبقى السؤال: ما السبب في وجود النتيجة السلبية للعينة الأولى والتى تم على اساسها خروج المرضى من المستشفى؟
(كفاءة اختبار PCR للفيروس الجديد(المسحة))
و هنا تؤكد الدراسات أنه بالرغم من أن نتيجة المسحة الإيجابية PCR تكون عالية الدقة في إثبات وجود جزء من الحمض النووي الفيروسي في العينة، لكن وجود نتيجة سلبية لا يؤكد عدم وجود الفيروس بدقة و لا ينفي العدوى بشكل قاطع.
وتقدر نسبة احتمالات وجود نتائج المسحات السلبية الخاطئة ب 30% تقريباً.
و لذا ينصح دائما بالإعتماد أولا على الأعراض و عدم استبعاد وجود العدوى بسبب تحليل سلبي اذا كانت هناك اعراض لاشتباه للعدوى او كانت هناك مخالطة ذات خطورة عالية (مع حالة ايجابية).
الدراسة الرابعة:
وهي دراسة مباشرة، تم فيها تعريض حيوانات التجارب (rhesus macaque ) لجرعات من فيروس كورونا المسبب لكوفيد-19 ( SARS Cov2) مما سبب ظهور أعراض المرض على حيوانات التجارب .
و تم التأكد من الإصابة بإختبار الأجسام المضادة في الدم. وبعد مرور شهر تم تعريض نفس الحيوانات لجرعات فيروسية أخرى، وعلى مدى أسبوعين تاليين من المتابعة تم التأكد أنه :
-لم تصل أي جسيمات فيروسية الى رئات حيوانات التجارب.
-أن الحمض النووي الفيروسي الذي وصل الأنف أخذ في التناقص تدريجيا.
-أن الأجسام المضادة في الجسم ازدادت نسبتها.
مما يدل على حدوث رد فعل مناعي يقي من تكرار الإصابة.