أبحاثالأخبار الطبيةكوفيد-19

فيروس كورونا: هل يؤثر على خلايا المخ والأعصاب؟ دراسة بريطانية

بالرغم من أن عدوى فيروس كورونا تعتبر عدوى تنفسية في المقام الأول، إلا أنها من الممكن أن تؤثر على خلايا القلب و خلايا المخ والأعصاب.

وجدت دراسة بريطانية جديدة تم نشرها منذ أيام أن بعض مرضى فيروس كورونا قد عانوا من تأثيرات دماغية وعصبية مثل نقص الوعي والهذيان بسبب انتفاخ خلايا المخ، أو الجلطات الدماغية.

وقد صرح أحد الباحثين في هذه الدراسة لصحيفة الجارديان البريطانية : “نحن نرصد طرق تأثر دماغية و عصبية بعدوى كوفيد-19 بشكل لم نشاهده مع فيروسات أخرى”

ويمكن أن يلاحظ التأثير العصبي لفيروس كورونا في فقدان حاسة الشم، بفعل تأثر أعصاب الشم في الغشاء المبطن للأنف. والذي هو من أعراض العدوى الأساسية التي وجدت منفردة في بعض الحالات.

أثارت هذه الدراسة ومثيلاتها مخاوف بعض الباحثين من ظهور أعراض عصبية ودماغية في المتعافين من كوفيد-19 في السنوات المقبلة بشكل وبائي.

فما تفاصيل ما وجدته هذه الدراسة؟ وهل تحدث الأعراض العصبية والدماغية في حالات كوفيد-19 البسيطة؟ وما نسبة حدوث الأعراض العصبية والدماغية؟وما سببها؟

تفاصيل ما وجدته الدراسة..

درس الباحثون حالات 43 مريض كوفيد-19 تم علاجهم بأحد مستشفيات لندن على مدى 36 يوم، وظهرت عليهم أعراض عصبية ودماغية كانت كالتالي:

– تأثر وانتفاخ بخلايا المخ أدى إالى أعراض نقص وعي وهذيان وهلاوس Encephalopathies with delirium/psychosis:

في 10 مرضى، ومنهم سيدة تبلغ من العمر 55 عام، وليس لديها أي تاريخ لأمراض عصبية سابقة، بدأت بالتصرف بشكل غريب بعد ثلاثة أيام من الخروج من المستشفى وعانت من ضلالات مختلفة بالإضافة الى هلاوس سمعية وبصرية.

-التهاب حاد منتشر بالجهاز العصبي (Acute disseminated encephalomyelitis): في 12 مريض في هذه الدراسة.

-أمراض الأعصاب الطرفية  : في 8 مرضى، وتأكدت الإصابة بمرض جيليان باري (Guillian-Barre syndrome) في 7 حالات.

والذي هو مرض عصبي مناعي يتلو الإصابة ببعض أنواع الميكروبات ويؤثر على الإحساس والحركة .

وظهرت الأعراض العصبية لهذا المرض بعد حوالي 3 أسابيع من ظهور أعراض كوفيد-19 الأخرى في الحالات المتضمنة في هذه الدراسة  .

جلطات دماغية مرتبطة بعدوى كوفيد-19: في 8 مرضى ومن بينهم مريضة عمرها 27 عام.

وهي نتيجة تدعم  تقرير حديث عن ارتباط كوفيد-19 بإصابة مرضى في الثلاثينات و الأربعينات من العمر بجلطات دماغية.

-أمراض عصبية أخرى: في 5 مرضى.

هل تحدث الأعراض الدماغية والعصبية في المرضي ذوي الأعراض التنفسية البسيطة؟ أو بعد التعافي؟

هناك العديد من التقارير التي وضحت حدوث الأعراض العصبية والدماغية في الحالات الخطيرة من كوفيد-19،

وقد تم رصد بعض الأعراض الدماغية والعصبية في بعض مرضى فيروس كورونا ذوي الأعراض التنفسية البسيطة في الدراسة البريطانية الجديدة ذاتها.

وفي تصريح لأحد الباحثين في هذه الدراسة: “إنه من الممكن أن نجد أعراضاً عصبيةً ودماغية شديدة في مرضى لم يعانوا إلا من أعراض تنفسية بسيطة من عدوى كوفيد-19”.

دعت هذه النتيجة المقلقة التي تزال قيد الدراسة الباحثين لاقتراح متابعة حالات كوفيد-19 البسيطة والشديدة لفترة أطول،  لرصد أي أعراض عصبية يمكن أن تكون متعلقة بعدوى كوفيد-19.

ويعود قلق قلق العلماء بخصوص ظهور أعراض عصبية بعد التعافي الى إصابة أكثر من مليون شخص حول العالم باعتلال عصبي يؤدي الى الخمول “the sleepy sickness” بعد انتهاء وباء الإنفلونزا الإسبانية.

ما نسبة حدوث الأعراض العصبية والدماغية؟

في دراسة تم نشرها في المجلة العلمية المرموقة لانسيت، تم حصر التقارير العالمية التي نُشرت عن أعداد الحالات التي أظهرت أعراض عصبية ودماغية، ووجدت أن:

_الاعتلال الدماغي encephalopathy: كانت نسبة حدوثه 7% في 93 مريض في مستشفيات وهان الصينية. و69% في 58 مريض من عناية مركزة فرنسية.

-مرض جيليان باري العصبي:  تمت ملاحظته في 19 حالة الى الآن.

-الجلطات الدماغية: كانت نسبة حدوثها التقديرية 2-6% من مرضى كوفيد-19 الذين احتاجوا لعلاج بالمستشفيات.

وعلما بأن نسبة حدوث الأعراض العصبية والدماغية في أوبئة فيروس كورونا السابقة( سارس SARS وميرسMERS) كانت تتراوح بين  0.09% و  0.34%، فيتوقع العلماء نسبة مشابهة بالنسبة لعدوى كوفيد-19.

ما سبب ظهور الأعراض الدماغية والعصبية في حالات عدوى كوفيد-19؟

يرجع معظم الباحثون الأعراض العصبية والدماغية لفيروس كورونا الى سببين أساسيين:

-السبب الأول:

التأثر بنقص الأكسجين في الدم، والظاهرة الغريبة التي تم رصدها في حالات كوفيد-19: حالة “نقص الأكسجين السعيد أو الصامت” silent hypoxia or happy hypoxia .

حيث وُجدت نسب منخفضة من تشبع بالدم بالأكسجين (oxygen saturation ) تصل الى أقل من 70% في مرضى لا يعانون من صعوبة تنفس. في حين أن الطبيعي أن يعاني المريض من صعوبة تنفس واضحة حين يصبح مستوى تشبع الدم بالأكسجين أقل من 90%.

ولهذا يُنصح بمتابعة دقيقة لمستوى تشبع الدم بالأكسجين في حالات كوفيد-19، ويسهل القيام بذلك نظراً توفر أجهزة بسيطة لقياس مستوى تشبع الأكسجين بالدم بالمنزل pulse oximeter .

-السبب الثاني:

تأثر الخلايا الدماغية والعصبية بما يسمى بعاصفة المواد الوسيطة للالتهاب cytokine storm، والتي تحدث كرد فعل مناعي للتدمير الفيروسي لخلايا الجسم.

ومن هذا نستنتج..

أنه بالرغم من التقارير الطبية المتعددة التي سجلت ارتباط كوفيد-19 بأعراض دماغية وعصبية إلا أن نسبة حدوثها الى الآن تبدو قليلة  خاصة في الحالات البسيطة.

و لا يزال يلزمنا المزيد من الدراسات للتأكد من ارتباطها بفيروس كورونا.

والأهم هو دراسة كيفية حدوث هذه الأعراض الدماغية والعصبية، بما يمهد الطريق لتطوير علاجات يمكن أن تمنعها أو تعالجها في مراحلها الأولية.

موضوعات قد تهمك