أمراضالأخبار الطبيةكوفيد-19

كيف يبدأ الوباء وكيف ينتهي؟ وما العوامل التي ترسم منحنى الوباء في منطقة ما صعودا ثم هبوطا؟

تحتاج بداية الوباء إلى فيروس (أو ميكروب) يتميز بالقدرة على الانتشار التضاعفي حتى يصبح قادرا على التسبب في انتشار وبائي.

ويرمز علماء الأوبئة لهذه القدرة على نشر العدوى برمز ” آر زيرو ” (R0)، وهي تعبر عن متوسط عدد الأشخاص الذين تصيبهم العدوى عن طريق مريض واحد.

قيمة ” آر زيرو ” (R0) في الفيروسات الوبائية تكون 1 أو أكثر من 1، فعند هذه القيمة يبدأ الوباء بالظهور والاستمرار.

فعندما تكون ” آر زيرو ” (R0) تساوي اثنان R0=2  مثلا فهذا يعني أن كل شخص مصاب بالفيروس في المتوسط ينقل العدوى لشخصين،  وكل شخص من هذين الشخصان ينقل العدوى لإثنين آخرين وهكذا.

وكما هو موضح بالصورة التالية تزداد الأعداد بطريقة تضاعفية ويحدث الوباء بزيادة أعداد المصابين بكثرة وتراكم أعدادهم في وقت واحد.

عندما تكون " آر زيرو " (R0) تساوي اثنان R0=2 مثلا فهذا يعني أن كل شخص مصاب بالفيروس في المتوسط ينقل العدوى لشخصين.  وكل شخص من هذين الشخصان ينقل العدوى لإثنين آخرين وهكذا.
عندما تكون ” آر زيرو ” (R0) تساوي اثنان R0=2 مثلا فهذا يعني أن كل شخص مصاب بالفيروس في المتوسط ينقل العدوى لشخصين.  وكل شخص من هذين الشخصان ينقل العدوى لإثنين آخرين وهكذا.
Source: theconversation

كيف تقل قيمة R0 (متوسط عدد الأشخاص الذين تصيبهم العدوى عن طريق مريض واحد) لأقل من 1؟

يستطيع علماء الاوبئة  تقدير ” آر زيرو ” (R0) التي تكون في أعلى قيمة لها في بداية انتشار الوباء، وتبدأ بالتناقص في حالتين:

مع اتخاذ إجراءات الحظر التي تقلل من انتشار العدوى في مجتمع معين.

  • ويتم تخفيف إجراءات الحظر مع وصول قيمة” آر زيرو ” (R0) لأقل من 1 فهذا يعني أن انتشار العدوى في المجتمع ليس تصاعديا .
  • ويتم إعادة تطبيق اجراءات الحظر  إذا ارتفعت ” آر زيرو ” (R0) إلى 1 أو أكبر من 1، وهذه هي الطريقة الآمنة للتعامل مع الأوبئة.

وتقل قيمة  آر زيرو ” (R0)  مع تناقص الانتشار الوبائي الذي هو طبيعة  مرت بها الأوبئة على مدى التاريخ الإنساني.

فلمَ هو طبيعي أن تنتهي الأوبئة ولم يهبط منحنى الوباء بعد صعوده؟

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء الفيروسي صعودا ثم هبوطا؟

ما يرسم منحنى الوباء بجزئيه الصاعد ثم الهابط هو حركة أفراد المجتمع الذي ينتشر به الوباء بين ثلاثة  أقسام مختلفة:

-قسم المعرّضين للعدوى (Susceptible)

-قسم المصابين بالعدوى (Infected)

-قسم المتعافين من العدوى (Recovered)

وفيما يلي شرح مبسط بالصور لحركة أفراد المجتمع بين تلك الأقسام الثلاثة، وكيف تؤدي لرسم منحنى الوباء (وهي نفس الطريقة التي تنطبق على منحنى وباء كورونا)>

1 تكون البداية بدخول الفيروس الوبائي لمجتمع من الأصحاء المعرّضين للعدوى (ممثلين باللون الأزرق)، ولأنه فيروس ذو انتشار وبائي فكل مصاب سينقل العدوى  لأكثر من حالة واحدة يوميا.

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 1
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 1

2-لو  كان الشخص المصاب بالفيروس ينقل العدوى لشخصان آخران (آر زيرو ” (R0) =2 ))،  ففي اليوم التالي عدد الحالات سيصبح  إثنان،  ثم في اليوم الذي يليه سيصبح  أربعه ثم  ثمانية و يليه 16، ثم 32  و هكذا ..

(وهذا ما تم تقديره لفيروس كورونا الوبائي الذي أصاب أول مريض في العالم أو “المريض رقم صفر” في  في العالم بأسره في 17  نوفمبر 2019 حسب أحدث الدراسات)

و لو كان عدد الحالات في يوم 100 حالة فسوف يصبح 200 في خطوة واحدة و هكذا..

وبهذا تتضاعف أعداد الحالات  يوما بعد يوم، ويزداد التحول من جزء الأصحاء الأزرق لجزء المرضى الأحمر، ويتم رسم الجزء الصاعد من المنحنى.

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 2
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 2

3-الطبيعي  أن يستمر المنحنى في التصاعد طالما لا زال هناك أصحاء  معرضون للعدوى متاحين للفيروس (ممثلين باللون الأزرق (Susceptible healthy ).

فيسبب لهم  الفيروس المرض فينتقلون إلى قسم  المصابون  ((Infected  )) (المصابون ممثلون باللون الأحمر ).

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 3
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 3

لكن ما الذي يوقف تصاعد المنحى؟؟ وكيف نصل للذروة أو القمة؟

4-الذروة (peak): هي أعلى عدد من الحالات اليومية أو بتعبير آخر أعلى معدل لتحول الأصحاء المعرّضين للعدوى susceptible إلى قسم المرضى Infected، والذي تبدأ أعداد الحالات اليومية بعده في التناقص.

وسبب هذا التناقص هو ظهور  تصنيف ثالث  في المشهد ، تزايد تدريجيا حتى أصبح له ثقلا مؤثرا، وهذا التصنيف  هو عدد الأشخاص المتعافين Recovered  (الجزء البنفسجي).

والمتعافون هم الأشخاص الذين اكتسبوا مناعة بعد اجتيازهم مرحلة المرض، وبذلك أصبح هؤلاء الأشخاص خارج قدرة الفيروس على التسبب في الإصابة.

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 4
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 4

5-عندما يبدأ  عدد المتعافين أصحاب المناعة الممثلين باللون البنفسجي في التزايد  بنسبة مناسبة، تبدأ قدرة الفيروس الوبائي على نشر العدوى في التناقص.

فيتوقف منحنى الوباء الصاعد ونصل  للذروة ( أعلى نقطة في المنحنى لأنه لن يكون هناك أي زيادة بعدها في العدد اليومي للحالات)، ويبدأ بعد ذلك  المنحنى في الهبوط بزيادة أعداد المتعافين .

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 5
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 5

6-وتبدأ اعداد المتعافين أصحاب المناعة  (ممثلين باللون البنفسجي) في التزايد المستمر، وبالتالي يتم الضغط على رأس منحنى الانتشار الوبائي .

ويتم  إجبار المنحنى على النزول لتناقص أعداد  الأشخاص المعرضين للعدوى، مما يعني  تناقص تحولهم لمرضى ( باللون الأحمر)، وذلك بسبب تزايد أعداد المتعافين ذوي المناعة (باللون البنفسجي).

ويستمر المنحنى في النزول بنقصان أعداد المصابين اليومية وزيادة اعداد اصحاب المناعة المتعافين.

وينتهي منحنى الوباء عندما تصل أعداد المتعافين أصحاب المناعة لحوالي 70% من العدد الكلي لأفراد المجتمع، وهي النسبة التي تكفي لتكون ما يسمى ب “مناعة القطيع (herd immunity)” والتي يلزم وجودها لتوقف الانتشار الوبائي.

 

كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 6
كيف يُرسم منحنى انتشار  الوباء  صعودا ثم هبوطا؟ صورة رقم 6

تأثير إجرءات الحظر و الطواريء على  منحنى الانتشار الوبائي..

تحفظ اجراءات الحظر والطوارئ بعض الأصحاء  المعرضين للعدوى  بمنطقة محميّة بين  المصابين و المتعافين في النصف الثاني من منحنى الانتشار الوبائي.

مما يسبب ضغطاً  على منحنى المصابين الأحمر،  و يجعل قمة منحنى الوباء أكثر  انخفاضا  ويغير شكلها و مكانها.

وهو ما يسمى بتسطيح المنحنى  flattening the curve الذي يمنع انفجار أعداد المرضى، ويقلل الضغط على المؤسسات الطبية، فيؤدي لتناقص نسب الوفيات.

تأثير اجرءات الحظر و الطواريء على  منحنى الانتشار الوبائي
تأثير اجرءات الحظر و الطواريء على  منحنى الانتشار الوبائي

ما هي العوامل المؤثرة في شكل المنحنى و ارتفاع قمته و توقيت هبوطه؟ وهل يمكن التدخل لتغييره؟

يعتمد شكل المنحنى الوبائي على عدة عوامل تؤثر على سرعة حدوث مناعة في المجتمع، و هذه السرعة هي ما يحدد ارتفاع  قمة المنحنى وتوقيت هبوطه، وهي تعتمد على ثلاثة عوامل :

1-عدد الأشخاص المعرّضين للإصابه: أعمارهم و أمراضهم ونسب وجودها (فماداموا متوفرين و بالعدد الكافي فسوف يستمر منحنى الوباء في التصاعد).

2-خصائص الفيروس الوبائي وسلوك انتشاره (” آر زيرو ” (R0) ) و طبيعة المرض (فترة الحضانة ما بين التعرض للفيروس لظهور الأعراض وفترة العدوى).

3- سلوك أفراد المجتمع واتباعهم لإجراءات الحظر ، حيث يؤدي الإلتزام باجراءات الحظر للوقاية من العدوى وتسطيح المنحنى.

4- وجود لقاح ناجح باستطاعته أن يقلل من أعداد الأشخاص المعرضين للإصابة بوضوح، ويقلل من قدرة الفيروس على الانتشار.

ويلغي اللقاح الناجح احتمالات حدوث موجات وبائية قادمة من نفس السلالة الفيروسية.

وهذا هو ما يتمناه العالم لمواجهة فيروس كورونا الوبائي الذي وبسبب خواصه الفيروسية لا يزال يشكل خطرا مستمرا في عالمنا.

وهو أمل ازدادت احتمالاته مع التقدم الذي أعلنت عنه  أبحاث لقاح أكسفورد ولقاح فايزر، وغيرهما من اللقاحات المطورة ضد فيروس كورونا.

إقرأ أيضا..

  • فيروس كورونا: دول عديدة تعلن الحظر الكلي مجددا فما الذي يجعل وباء كورونا بهذه الخطورة المستمرة؟
  • لقاح أكسفورد: بريطانيا بدأت في تقييم مبكر لإسراع ترخيص اللقاح.. وجونسون يراه سببا للتفاؤل
  • لقاح كورونا: تعرف على آخر تحديث لمراحل أبحاث لقاحات كورونا المختلفة ومن في الصدارة؟
  • اللقاحات ضد الأمراض: هل نصدق التحذيرات المخيفة ضدها؟ وماذا عن المشاركة في تجاربها؟

موضوعات قد تهمك